التجربة اليابانية:
الحلقة الثالثة
سِنْسَي sensei أونقاي شيمَسٌ
أستاذنا من فضلك ...
يسعدني قبل أن أبدأ
مقال حلقة هذا الأسبوع أن أتقدم بالشكر والتقدير لكل المتابعين بضغطات الإعجاب في
الفيسبوك أو تويتر أو بإعادة إرسالها عبر أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ..
فشكرا جزيلا لكم أيها الأحبة. كما أحب أن أذكر أن هدفي من كتابة هذه الحلقات هو نقل
الخبرات اليابانية التي اطلعتُ عليها أو قرأتها للاستفادة منها بما يناسب حياتنا
وعملنا ومجتمعنا السعودي.
كنا قد تحدثنا في
الحلقة الأولى والحلقة الثانية عن الأم اليابانية وطريقة تربيتها لأبنائها كعامل
من عوامل نجاح اليابان. كما تحدثنا عن الطلاب والطالبات اليابانيين واليابانيات وجهودهم في
البحث عن التفوق كعامل ثاني. أما اليوم وفي هذه الحلقة سوف نتحدث عن العامل الثالث
في نجاح تجربة الكوكب الياباني المميزة بالجودة والاتقان.
قبل عصر ميجي أي قبل
عام 1867م كانت مهنة التعليم مسندة إلى المعابد الدينية بما كان يسمى مدارس
التراكويا والتي كان يتعلم فيها الطلاب اليابانيين في ذلك الوقت القراءة والكتابة
وبعض قواعد الرياضيات وكان المعلمون، الذين كانوا من رجال السامورائي والكهنة وبعض
الأمهات، يركزون على مهارة الحفظ. وفي عام
1871م تم إنشاء وزارة التعليم لتكون المشرفة على التعليم في جميع المناطق بدلاً عن
مدارس التراكويا وتحول الإشراف على المدارس من المعابد الدينية إلى الإشراف الرسمي
من قبل الحكومة في عهد ميجي وذلك لإدراكهم أهمية التعليم وضرورة تطوير نظامه
التعليمي بوصفه جزءاً مهما ومكملا لبناء الدولة الحديث في ذلك الوقت. وفي كل
المراحل التي مر بها التعليم في اليابان كان للمعلم دور كبير بالمشاركة في نجاح
عملية التعليم والتعلم. وللمعلم في اليابان مكانة عالية بين أفراد المجتمع بما
يملكه من قوة معرفية بوصفه المرجع لأبنائهم في المدرسة وبوصفه مساهماً في بناء
مستقبل أبناءهم.
المعلمون الذين يلتحقون
بالعمل في سلك التعليم والذين يأتون من مناطق مختلفة من اليابان يرون أن مهنة
التعليم تمنحهم الفرصة للإبداع مع طلابهم ومع زملائهم المعلمين والمعلمات داخل
مدارسهم. كما يرون أنهم من خلال مهنة التعليم يشاركون في تنمية وبناء وطنهم بتقديم
أفضل المعارف والمهارات للطلاب والطالبات وفق مناهج محددة في جميع مراحل الدراسة
في التعليم.
الصفة الرسمية
والعامة للمعلمين في اليابان هي سنسي (sensei) والتي
تعني معلم ولكن إذا استمعتَ إلى المعلمين وهم يصفون مهنتهم في التعليم ستسمع ما
يثلج صدرك من وصفهم لمهنتهم. منهم من يقدم نفسه على أنه موظف Rōdō-shaأي عامل موظف ومسخر نفسه لتعليم الأولاد والبنات. وبعضهم من يصف نفسه
بأنه kyoin أي المعلم الملتزم بالعمل وفق التعليمات.
ويصف الكثيرين منهم مهنة المعلم على أنه gakusha أي العالم أو القدوة في
التعليم القدوة بالقوة المعرفية والقيم الأخلاقية كما يصفون أنفسهم بـ kenkyusha أي
الباحث. ومن هذا المنطلق تجد المعلمين في اليابان يبحثون عن الأفضل في طرائق
التعليم والتعلم والأفضل في التدريس من خلال الالتحاق بالكليات المتخصصة في مجال
التربية لنيل درجات الاعتماد التي تؤهله ليكون الأفضل في عمله. فيتدرب المعلمون على
طرائق التدريس الحديثة كما يتدربون على برامج في علم النفس التربوي وأنظمة
التعليم. كما أنهم يخضعون إلى فترة تطبيق عملي من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع قبل
حصولهم على شهادة الدورة التدريبية.
وبالإضافة إلى اهتمام
المعلم بتطوير ذاته يهتم المعلم في اليابان بعلاقته مع أسر وأولياء أمور الطلاب
والطالبات من خلال الزيارات الدورية لمنازلهم ومناقشة أمهاتهم عن مستواهم التعليمي
لمتابعة احتياجاتهم التعليمية والعمل على التعزيز والعلاج.
المعلمون في اليابان
يقضون أوقاتهم خلال اليوم الدراسي بين حجرات الدراسة وحجرة المعلمين يقدمون للطلاب
فيها كل ما يستطيعون بطرق إبداعية كما أنهم يعملون على التطوير المستمر لمستوى
أداءهم من خلال الاجتماع مع أقرانهم ومن يفوقونهم بالخبرة من المعلمين داخل
المدرسة.
بسبب اهتمامهم بتطوير الذات والإبداع الذي يحرصون عليه في عملهم نجد أن المعلمون يحضون بتقدير يومي كبير من طلابهم وطالباتهم في المدارس، حيث تبدأ الحصة الدراسية بعبارة يرددها جميع الطلاب والطالبات في جميع حجرات الدراسة لجميع المعلمين والمعلمات وهي:
Sensei
onegai shimasu
سنسي أوناقاي شيمس
أستاذنا من فضلك ..
علمنا
وتنتهي كذلك الحصة
الدراسة بالعبارة التالية:
Sensei
Arigatōgozaimasu
سنسي شكرا لك على
تعليمنا
اهتمام كبير بالذات
واحترام للطلاب والطالبات، يقابله احترام وتقدير كبير من الجميع داخل المدرسة
وخارجها.
من هنا نتعرف على
العامل الثالث من عوامل نجاح التجربة اليابانية وتفوقها.
وإلى اللقاء في
الحلقة القادمة.
دمتم بخير
15- أبريل-2016
كتبه: أبوبكر بن أحمد
ولي
بكالوريوس اللغة
الإنجليزية
دبلوم في التعليم من
جامعة طوكيو قاكوجى باليابان
مشرف إدارة الجودة
الشاملة – وزارة التعليم – جازان
مدرب في مجال الكايزن
اليابانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.