الاثنين، 22 يوليو 2019

خبرات تربوية من اليابان - المقال الأول


خبرات تربوية من اليابان - المقال الأول: السلامة المرورية


أرحب بكم في هذا المقال بعد غيبه طويله عن الكتابة في مدونتي على القوقل. وكما تعلمون أن مدونتي أهتم فيها بالتربية والتعليم والقيادة التعليمية والمدرسية والجودة وتطبيقاتها، سأحدثكم اليوم عن خبرة شاهدتها أمام عيني في اليابان وبالتحديد أمام إحدى المدارس التي كنت أمر من أمامها ماشياً ذهاباً وإياباً إلى الجامعة لكون سكني كان بجوار الجامعة وبالتحديد في سكن الطلاب الأجانب الملحق بجامعة طوكيو قاكوجى باليابان وكان ذلك في عام 1998 – 2000م
حيث كنت مبتعثاً من قبل وزارة التعليم للدراسة والتدريب في مجال التربية والتعليم وتعليم اللغة الإنجليزية لمتحدثي اللغات الأخرى. والحقيقة أنها كانت فترة مليئة بالخبرات التربوية والتعليمية والقيادة التعليمية. كنت أشاهد هذه المدرسة خلال العام الدراسي كاملاً وحتى أيام الإجازات الصيفية. تعلمت العديد من الخبرات التربوية والتعليمية. في هذا المقال سأحدثكم عن إحدى الخبرات وهي اهتمام المدرسة في اليابان بنشر الثقافة المرورية بين الطلاب في المرحلة الابتدائية وما بعدها.
سأنقل لكم خبرة اهتمام المعلم بتوعية الطلاب بالثقافة المرورية. في أول أيام البعثة وفي أحد الأيام وبينما كنت أسير صباحاً من مقر السكن إلى قاعات الدراسة في جامعة طوكيو للتربية والفنون، رأيتُ قائد المدرسة وبعض المعلمين يستقبلون الطلاب على بوابة المدرسة ويحيونهم بالترحيب المعتاد لديهم. الطلاب في المرحلة الابتدائية عادة يحضرون إلى المدرسة بصحبة أولياء أمورهم. في أول مرة قلت ربما يوجد مناسبة بالمدرسة. ثم مع تكرار ذلك أيقنت أن عملية استقبال الطلاب لم يكن لمناسبة ولكن كانت تحدث يومياً حيث يستقبل قائد المدرسة وبعض المعلمين الطلاب للترحيب بهم ولتحفيزهم لقضاء يوما دراسيا مفعماً بالنشاط والحيوية والتعليم والتعلم. لم يكن الأمر يتوقف عند عملية الترحيب في بداية اليوم الدراسي فقط، بل أنه يتكرر عند انصراف الطلاب والطالبات من المدرسة. كيف؟
بعد نهاية اليوم الدراسي وعند انصراف الطلاب والطالبات يقوم معلم الصف أو أحد المعلمين والمعلمات أو رما أحد منسوبي المدرسة بتنظيم الطلاب في صفوف للخروج من المدرسة والصعود إلى باصات النقل التي تصطحب الطلاب والطالبات من المدرسة إلى مساكنهم. وكانوا يحرصون على النظام والترتيب والسير في قاطرة من بوابة المدرسة الخارجية إلى بوابة الحافلة المخصصة مع التأكيد على عدم تخلف أياً من الطلاب أو الطالبات. حيث كان أحد منسوبي المدرسة يسير أمام الطلاب وفي وسطهم وفي أخر الصف لمتابعة الالتزام بالترتيب والنظام. وفي حالة كانت الحافلة تقف في الجزء المقابل من الطريق كانوا يعبرون الطريق من ناحية خطوط المشاة مع رفع إحدى أيهم عالياُ لكي يراهم ساقي السيارات على الطريق لكونهم طلاب صغار في السن. ومن وجهة نظري كان يحدث ذلك باستمرار لتعليم الطلاب العديد من المهارات: أولاً مهارة الترتيب والالتزام عند السير في الطريق، ثانياً مهارة السلامة عند السير على الطريق، ثالثاً مهارة الالتزام بالسير على خطوط المشاة عند عبور الطريق ورابعاً مهارة أهمية الوقوف كسائق للسيارة عند عبور المشاة من الأماكن المخصصة للعبور. الأمر الذي يبقى راسخاً في أذهانهم ويكون سلوكاً معتاداً لهم أثناء الدراسة وبعدها.
ولا يخفى علينا جميعاً أن المدرسة تعلم الطلاب جميع العلوم بتفرعاتها العلمية والأدبية وتعلمهم القيم ومهارات الحياة اليومية الأمر الذي يجعل الحياة سعيدة وسهلة للجميع. وكما يقول أحد المعلمين اليابانيين لطلابه أنتم تتعلمون من أجل أن تكونوا سعداء. ومن وجهة نظري أرى أن الطلاب والطالبات يتعلمون أكثر من قيمة في هذه العملية وهي قيمة السلامة المرورية لهم كأفراد وللأخرين من حولهم في المجتمع. ويتعلمون أيضاً من أين يعبرون ومتى يعبرون وكيف يعبرون الطريق وكيف يلتزمون النظام عند العبور وعند ركوب الحافة وعند النزول منها. مثلها مثل قيمة السلامة عند الكوارث الحريق مثلاً أو الزلازل.
خبرة بسيطة مما شاهدته في اليابان. وإذا وجدت الفرصة سأحدثكم عن تطبيق إجراءات الترتيب والتنظيم الخمسة في المدرسة اليابانية التاي يسميها البعض بالسينات الخمسة.
المعلم هو رجل المرور الأول وهو رجل الإطفاء الأول وهو الطبيب الأول .. المعلم هو مفتاح التقدم لطلابه وطالباته. كيف يكون ذلك؟ من خلال تعليم الطلاب والطالبات إجراءات السلامة والوقاية الأمر، الذي يسهل على الجميع الحياة السعيدة.

وأخيراً وليس بأخر المدرسة هي بيت للمعرفة والقيم والطريق إلى جودة الحياة.
تحياتي،




كتبه: أبوبكر بن أحمد علي ولي
مدير إدارة الجودة وقياس الأداء – تعليم جازان.
19-07-2019




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.