نظام
إنتاج إدارة التعليم
كتبه: أبوبكر بن أحمد ولي
النسيج تدريجياً من الآلة الخشبية البسيطة التي تعمل معتمدة على حركة الإنسان إلى آلة تعمل إلكترونياً. آلة الغزل التي طورها الياباني (ساكي إتشي) كانت تتوقف عندما ينقطع خيط الغزل كي لا يحدث معيب في عملية الغزل ويتسبب ذلك في الخسارة أو الهدر. (كيإتشيروا تويودا) هو المؤسس لشركة صناعة السيارات اليابانية تويوتا بمساعدة والده ساكي إتشي، استطاع (كيإتشيروا) الاستفادة من الخبرات العالمية في صناعة السيارات لبناء مصنع سيارات تويوتا في عام 1929م تقريبا. في مصنع شركة تويوتا وكما ذكر جيمس وكمان في كتاب "السيارة التي غيرت العالم" تمكن (إإجي تويودا) بمشاركة تأيإتشي أونو تشكيل ما يسمى بنظام إنتاج تويوتا TPS النظام الذي مكن مصنع سيارات تويوتا من التفوق على الكثير من المصانع الأخرى الكبيرة، مثل مصنع فورد وجنرال موتورز. نظام إنتاج تويوتا أذهل الكثير من المهتمين بالصناعة حتى أرسلت البعثات للتعرف على اللغز الياباني في الإدارة داخل المصانع وداخل الشركات والمؤسسات الصناعية والخدمية. وذكر جيمس وكمان أن انتشار السيارات اليابانية في أمريكا وأوروبا واستحواذها على حصص سوقية عالية جعلهم يفكرون في السبب الذي أدى إلى ذلك فوجدوا أن المصانع اليابانية تستخدم تقنيات إدارية وصناعية جديدة لم يكونوا يعرفوا حتى مسماها – أي جيمس وكمان ورفاقه- التي سماها فيما بعد الباحث في البرنامج الدولي لدراسات صناعة السيارات International Motor Vehicle Program (IMVP)جون كرافسيك "John Krafcik" بنظام الإنتاج الرشيق (Lean Production System).
وذكر
(جون ميلر 2014) في كتاب "ثقافة الكايزن" أن نظام إنتاج شركة تويوتا لما
به من تقنيات للتحسين المستمر في الأداء والمخرجات وتخفيض التكاليف من خلال محاربة
جوانب الهدر الثلاثة 3Ms التي تسمى
باليابانية (مودا، مورا، موري) تم نقل هذا النظام الإنتاجي وتطبيقه في كثير من
المجالات غير الصناعية مثل المستشفيات والمؤسسات التربوية التعليمية. نظام الإنتاج
في تويوتا يعتمد اعتماداً كبيراً على التحسين المستمر المعتمد على العنصر البشري
باستخدام عجلة التحسين المستمر عجلة دمنج PDSA.
الأمر الذي يتطلب التدريب المستمر
للعاملين في المنشأة ليتمكنوا من المشاركة في عمليات التحسين المستمر للأداء.
الكايزن
اليابانية هي التحسين المستمر للأفضل من خلال العمل على تحسين الأداء لمحاربة
جوانب الهدر الثلاثة 3Ms. الكايزن تساعد
في تخفيض التكلفة وتحسين جودة المخرجات بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من رضا المستفيد
وزيادة الأرباح للمؤسسات الربحية. أما المؤسسات غير الربحية فيؤدي تطبيق الكايزن
فيها إلى تحسين الأداء وتخفيض التكاليف وتحسين جودة المخرجات بهدف تحقيق رضا
المستفيد والمجتمع.
الكايزن
باليابانية هي عمليات التحسين المستمر للأداء من خلال مشاركة العاملين باستخدام
تقنيات علمية لتخفيض تكلفة الجودة ورفع مستوى جودة المخرجات بقيم مضافة في كل مرة
يطبق عليه الكايزن (التحسين المستمر)، لكن السؤال هنا هل نستطيع تطبيق الكايزن
اليابانية في مجالات أخرى غير الصناعة؟ الإجابة كما ذكرها كثيرين من علماء الإدارة
والجودة الشاملة "نستطيع" مع وجود المعايير كأساس لعملية التحسين
المستمر ومن أمثلة ذلك أن أحد المستشفيات في الولايات المتحدة الأمريكية طبق الكايزن
وسمى تجربته بـ "نظام إنتاج مستشفى فيرجينيا" محاكاة لنظام إنتاج
تويوتا متحدياً بذلك أن الكايزن التحسين المستمر ليس للمصانع فقط، وذلك وفقا لما ذكر
جون ميلر في كتاب ثقافة الكايزن - 2014.
الكايزن
باليابانية أو التحسين المستمر بدأ
بالانتشار كمنهجية للإدارة على يد الياباني (ماساكي إماي) علم 1986م من خلال كتابه
"الكايزن مفتاح التفوق الياباني" والذي ذكر فيه أن منهجية الكايزن تركز
على التحسين المستمر بمشاركة جميع العاملين في كل الأقسام وفي كل الأوقات. ومن
خلال قراءاتي أجد أن منهجية الكايزن ليست مخصصة للشركات فقط ولكنها وبتقنياتها
المتعددة نستطيع استخدامها في التعليم للتحسين المستمر في جميع أنشطة القيادة
التعليمية والقيادة المدرسية وعمليات التعليم والتعلم. فالعالم الأمريكي دمنج
عندما ذهب إلى اليابان لم يكن ذاهبا لتطبيق الجودة ولكنه كان مشاركا في عمليات
إحصائية حاملا معه علمه الإحصائي والإداري الذي استفاد منه اليابانيون بالإضافة
إلى ما كان لديهم من علم إداري وخبرات في مجالات متعددة منها التعليم لتحقيق
الجودة في الأداء والجودة في المخرجات بالتركيز على تخفيض التكلفة. ولا يستطيع أحد
أن ينكر أن تطور نمط إدارة الجودة الشاملة بدأ مع شوهارت في أمريكا من خلال خرائط مراقبة
الإنتاج control chart ثم تحسن وتطور على أيدي
اليابانيين إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه في الجودة والتحسين المستمر.
ما
فات كان مقدمة بسيطة أما الجملة الرئيسة لهذا المقال هي: "نحن نستطيع تطبيق
الكايزن لتحسين المخرجات التعليمية" وذلك من خلال الاستفادة مما لدينا حالياً
من مشاريع تطويرية في مجال التعليم. ومن وجهة نظري لا أشكُ أبداً بأننا نستطيع
الخروج بمشروع مبادرة ولو كتجربة نسميها "نظام إنتاج إدارة التعليم ... "
نطبق فيها جميع التقنيات الإدارية الداعمة للتحسين المستمر بمشاركة جميع العاملين
لتحسين جودة الأداء وجودة المخرجات وتخفيض تكلفتها بطرق علمية مدروسة. نجمع في هذه
التجربة كل الجهود في مشروع واحد يحتوي جميع عناصر العمليات الإدارية المساندة
والعمليات التعليمية. نجمع فيها كل الإجراءات ابتداءً من مكتب مدير التعليم – لو فرضنا
أننا نطبق المبادرة على إدارة التعليم – إلى أمانة التعليم إلى الخدمات المساندة
والبرنامج الوطني لتطوير المدارس إلى الإشراف التربوي والتدريب التربوي وكل الشؤون
المدرسية والتعليمية وصولاً إلى منصة شمس كأداة لنشر المعرفة، إلى أخر وأبسط إجراء
في الميدان التربوي، يكون العمل في فريق واحد ببرنامج عمل وخطة موحدة بتنسيق مشترك
دون استثناء بهدف واحد وهو تحسين جودة أداء إدارات التعليم وتحسين مستوى أداء
القيادات المدرسية وتحسين مستوى أداء المعلمين لنحقق تحسين جودة المخرجات. مطبقين
في ذلك حلقة دمنج للتحسين المستمر وجميع أدوات الجودة السبع ومركزين على أربع
عناصر استراتيجية أولها: تأهيل العنصر البشري بما يحقق تحسين أداءه، ثم الجودة في
الأداء وفي المخرجات بلا هوادة، وتقديم الخدمة المتميزة المستمرة، ودعم وبناء
ثقافة الإبداع وتحفيز المبدعين. وبلا شك كل ذلك يبنى على القيم المؤسسية كالوضوح
والمشاركة وتطبيق المعايير والتركيز على الأهداف والأولويات. بهذه الطريقة نستطيع
بناء نظام أداء متناغم يعمل كآلة الغزل الإلكترونية التي تتوقف إذا أنقطع الخيط.
والمقصود هنا مشاركة جميع العاملين في إجراءات التحسين المستمر الكايزن والوقوف
على كل معيقات تحسين الأداء وتحسين جودة المخرج كأولوية لجميع العاملين.
الكايزن
أصبحت الشغل الشاغل لكل من يرغب في رفع معدلات العوائد الربحية كما أن منهجية الكايزن
في الإدارة ساعدت كبرى الشركات والمؤسسات الخدمية للتفوق والريادة. وبما أننا نعيش
في عالم مفتوح يتنافس فيه الجميع لتقديم الأفضل من خلال تطبيق أحدث التقنيات
الإدارية والفنية والتي يأتي في أولها منهجية التحسين المستمر اليابانية (الكايزن)
فلما لا نستخدمها في مشروع مبادرة ليس بالضرورة أن يكون اسمه: "نظام إنتاج
إدارة التعليم ... " المهم والضروري فيه أن يكون الجميع يعمل في فريق، موحدين
الجهود نحو تحقيق المخرج الأفضل إقليمياً ومنافساً عالمياً. كيف لا يكون ذلك وهذا
المخرج هو ابني وبنتي وابنك وبنتك وابنكِ وبنتكِ.
ولا
شك أن الجميع يعلم أن رؤية وزارة التعليم تركز على الطلاب والطالبات من خلال توفير
تعليم متميز لبناء مجتمع معرفي منافس عالمياً.
التي يعمل جميعنا لتحقيقها.
وأسأل
الله أن يوفقنا لتقديم أفضل ما لدينا ليكون وطننا المملكة العربية السعودية الأفضل
دائماً.
وشكرا
لمروركم وتقبلوا تحياتي.
كتبه أبوبكر بن أحمد ولي
تعليم
جازان – مشرف تربوي بالبرنامج الوطني لتطوير المدارس
الجمعة
5مايو 2017
9شعبان
1438هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.