الجمعة، 1 أبريل 2016

"الأوكاسان お母さん هي سر تفوق الطفل الياباني"



الإدارة اليابانية:الحلقة الأولى
 "الأوكاسان お母さん هي سر تفوق الطفل الياباني"
كما وعدناكم أننا سنتحدث عن التجربة اليابانية في سلسلة من المقالات عن نمط الإدارة في معظم الشركات والمنشآت اليابانية الذي أطلقنا عليه مسمى : "الإدار اليابانية:الكايزن". 
المعلوم أننا في جميع شؤون حياتنا اليومية تندرج الإدارة والعمليات الإدارية ضمن الأولويات شيئنا أم أبينا كوننا في تفكيرنا لصنع أو أداء الأشياء أو الأعمال نقوم بعمليات إدارية في تفكيرنا أحياناً وكتابةً أحيانا أخرى وبعضنا يصل إلى درجة

 الإبداع في هذا المجال أو ربما يقل إلى المتوسطة وبعضنا يكتسب خبرات متراكمة تساعده للنجاح في المستقبل القريب أو ربما المستقبل البعيد. فلا غنى لنا عن الإدارة وفنونها أياً كانت مهام عملنا أو حياتنا اليومية. يتطور الأمر أكثر عندما نتحدث عن فنون الإدارة في مجال عملنا الإداري الخدمي أو الإداري الصناعي حيث نقوم بتوثيق جميع الإجراءات وقياس جودة المخرجات بالمقاييس العلمية الخاصة. وفي سلسلة مقالاتنا هنا سنتناول التجربة اليابانية من جميع الجهات بداية من تربية الطفل الياباني في أسرته إلى أعلى المستويات للنجاح في المجالي الصناعي والمجال التربوي. اليوم وفي هذا المقال وكبداية للتعريف بالإدارة اليابانية ونجاحها في رفع مستوى جودة المنتجات والمخرجات سنتعرف بداية على سمات وثقافة اليابانيين بداية من المنزل إلى المدرسة ثم في مقالات لاحقة سنتطرق إلى الحياة العملية في التعليم وفي الشركات والمؤسسات.
ثقافة اليابانيين تعتمد على التعلم مدى الحياة وحب العمل والمثابرة من أجل النجاح في المدرسة والعمل. ومن خلال وجودي في طوكيو خلال سنة ونصف كنت مبتعثاً لدولة اليابان للتدريب في مجال التعليم عموما ومجال تدريس اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية، ومن خلال قراءاتي في الكتب المتخصصة في الإدارة والجودة الشاملة ومن خلال البرامج التدريبية التي أحضرها وأقدمها في مجال إدارة الجودة الشاملة ومن خلال ورش العمل التي اقيمها استفدتُ كثيرا من نواحي كثيرة عن التجربة اليابانية في الإدارة والجودة الشاملة والكايزن كما استفدتُ كثيرا لمعرفة أراء المتدربين والمدربين في هذا المجال، الشيء الذي أنعكس علىّ بالإثراء لتجربتي في مجال الإدارة والجودة الشاملة. ومن خلال ملاحظتي للحياة المجتمعية والإدارة التربوية لليابانيين وتميزهم في الإدارة عموما والإدارة التربوية خصوصا بنيتُ حصيلة كبيرة من المعرفة التي سأكتبها لكي يستفيد منها القارئ الكريم.
سأبدأ هنا بالطفل الياباني الذي ينشأ في بيئة منزلية غالبا تتحلى بالتماسك الأسري وروح العائلة بين جميع أفراد الأسرة حيث تكون الأم اليابانية والتي يطلق عليها باليابانية (お母さん) (Okasan) هي المسؤولة الأولى عن جميع أمور العائلة وبعض الأمور الأخرى خارج المنزل. ومن المسؤوليات الموكلة للأم في اليابان العناية بتربية صغارها داخل المنزل ومتابعة تعليمهم في البيت والمدرسة. حيث تبدأ بتعليمهم قبل دخولهم لمرحلة رياض الأطفال ومتابعتهم بعد دخولهم للمدرسة. كما أنها تحرص على كثرة الحديث مع أطفالها لتمكنهم من مهارات الحديث منذ نعومة أظافره. وتتفاخر الأم اليابانية بأبنائها عند تحقيق درجات عالية في نتائج الاختبارات وتلوم نفسها كثيرا عند حدوث العكس. تقوم الأم اليابانية بالاهتمام بجميع شؤون طفلها وتمده بالحنان والعاطفة. ومما يمكن ذكره عن الأم اليابانية أو العائلة اليابانية أن بعض العائلات تقوم بشراء مجموعتين من الكتب الدراسية مع بداية العام الدراسي، مجموعة للولد ليحضر بها إلى المدرسة والمجموعة الثانية للأم لكي تستطيع دراسة الدروس والاستعداد مسبقاً لكي تتمكن من تعليم أبنها أو بنتها في البيت لتكون متفوقة في المدرسة. من هذا المنطلق يكتسب الطفل الياباني أهمية الاستعداد للعمل كما يكتسب صفة التماسك الأسري وروح العائلة التي ينقلها معه إلى حجرات الدراسة في مدرسته حيث يتقاسم ويتشارك مع اقرانه جميع اجراءات التعليم والتعليم وجميع التطبيقات العملية بواسطة العمل في مجموعات متفرقة داخل حجرة الدراسة. كما تضيف المدرسة في اليابان للطلاب اليابانيين سمات اخرى مثل حب التعلم المستمر والبحث عن المعرفة بصفة ذاتية عن طريق التعلم النشط بمشاركة جميع أفراد المجموعة هذا بالإضافة إلى سمات الاحترام والتقدير للأخرين. كما أن للمعلم الياباني دور كبير جدا في تنشأت الطلاب وتدريبهم على الحفظ والفهم والتعلم الذاتي بالبحث والتطبيق باستخدام مكونات البيئة من حوله والتفكير المستمر في الطريقة الأفضل للعيش. 
ومن ناحية أخرى مر اليابانيون قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بتجربة الدمار التي حلت بهم في هيروشيما ونجازاكي، حيث خرجوا من بعد الحرب بتحدي كبير للتفوق على غيرهم. وبالفعل عمل جميع اليابانيون للتحول نحو العمل في الصناعة حيث استفاد اليابانيون من كل الفرص التي توفرت لهم لتطوير العمل في المجال الصناعي معتمدين في ذلك على التعليم والتدريب للعناصر البشرية التي تعتبر أهم موارد اليابان وأهم المدخلات في رحلة التفوق الياباني في كثير من المجالات.
اليابان اليوم تعتبر من القوى العظمى اقتصادياً، فالشركات اليابانية تنافس كبريات الشركات العالمية بسبب السمات التي يتحلى بها الفرد الياباني من حب العمل والانضباط والالتزام والاهتمام بالمصلحة العامة للمنشأة وتقديمها على المصلحة الشخصية والتعليم والتعلم المستمر من خلال الأبحاث والدراسات.

وأخيراً: اليابانيون يعملون دون ملل ولا تضجر.
وإلى اللقاء في مقالنا القادم عن كوكب اليابان


الجمعة 01 أبريل 2016
كتبه: أبوبكر بن أحمد ولي
مشرف إدارة الجودة الشاملة – وزارة التعليم - جازان

هناك تعليق واحد:

  1. أضفت لي بعض مما كنت أجهله، فعلا الأم مـــدرسة ..... ، وأستاذة الأساتذة ... كما قال احمد شوقي.
    انت رائع يا استاذ ابوبكر ، والدور الذي تقوم به اروع،
    في انتظار مقالك القادم . ربي يوفقك ويحفظك وينفع بك.

    ردحذف

أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.