الجمعة، 25 أكتوبر 2019

القيادات التعليمية في إدارات التعليم للمرة الثانية




تحدثتُ في إحدى المرات مع أحد الزملاء عن سمات القيادة التعليمية وأهميتها ومقدار الأثر الذي يجب أن تتركه يومياً على مستوى تعليم وتعلم الطلبة في البنين والبنات، وكان من ضمن حديثي أهمية الزيارات الميدانية للقيادة التعليمية للوقوف على الواقع واقتناص فرص التحسين. فكان جواب صديقي برأي مختلف عما ذكرته وذكر أن القائد التعليمي يجب أن يرى الميدان بنظرة عالية شاملة وعليه ألا يدخل في التفاصيل. عندها سكت لأن حديثي سيطول لو أنني حاولت أشرح له أهمية دور القيادة التعليمية خصوصاً في إدارات التعليم لتنوع مستويات القيادة.
مقال اليوم سيركز على أهمية القيادة التعليمية في إحداث التحسين المستمر والتطوير في عمليات التعليم والتعلم.
لا شك عزيزي القارئ أنك تعلم أن القيادة التعليمية في إدارات التعليم تعمل وفق ثلاثة مستويات مختلفة في المهام لكنها تتوحد وتتكامل في تحقيق الأهداف. في إدارات التعليم هناك ثلاث مستويات في القيادة واسمحوا لي تسميتها بالقيادة التنفيذية لكونها مرتبطة بمناهج عمل معممة من الوزارة. المستوى الأول القيادة التنفيذية العليا وهي هنا تتمثل في مديري التعليم ومن يتبع له من مستشارين والمستوى الثاني القيادة التنفيذية المتوسطة وتتمثل هنا في مساعدي المدير العام ثم المستوى التنفيذي الثالث وهو القيادة التعليمية التنفيذية الإشرافية وتتمثل وفق تصنيفي في مديري مكاتب التعليم والإدارات ورؤساء الأقسام والوحدات. ووفقاً لعلم الإدارة بشكل عام وعلم إدارة الجودة الشاملة أو إدارة الجودة الشمولية كما يسميها اليابانيون هناك سمات ومهام لكل مستوى من المستويات الثلاثة في القيادة التعليمية.
من أهم سمات القيادة التنفيذية العليا التي تتمثل في مديري التعليم ومن في مستواهم: القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة المبنية على البيانات الميدانية بما يدعم التحسين المستمر والتطوير لعمليات التعليم والتعلم. بالإضافة إلى ذلك القدرة على استقراء التقارير واستخلاص المفيد منها مع ربطها بالواقع التعليمي في المدارس. في اعتقادي مديري التعليم يمتلكون فكراً إبداعياً يسهل لهم إبراز إداراتهم بالصورة الملائمة تعليميا وفقا للواقع التعليمي. فهم يملكون قوة اتخاذ القرار للتغيير في كل المجالات داخل إدارة التعليم ومكاتب التعليم والمدارس التي تتبع لهم. وأقصد بالإبراز هنا هو التغيير بما يحقق تحسين وتطوير الأداء التعليمي داخل حجرة الصف. عفوا واسمحوا لي أن أقول مديري التعليم هم المسؤول الأول عن مستوى الأداء التعليمي في المناطق وعليه فهم يختارون من يرونه مناسباً في كل مهمة وفريق عمل. وهنا أسأل الله أن يعينهم على اختيار الأفضل المتمكن في المكان الأنسب.
أما القيادة التنفيذية التعليمية المتوسطة فدورها كبير في تحسين وتطوير عمليات التعليم والتعلم داخل المدارس وذلك من خلال سمات متعددة أهمها المعرفة بالمحتوى العملي داخل إدارة التعليم ومكاتب التعليم والمدارس. والقدرة على إلقاء التوجيهات المعتادة والتوجيهات الصارمة بالإضافة إلى المعرفة بأساليب دراسة الواقع وحل المشكلات والقدرة على بناء وقيادة فرق العمل. بالإضافة إلى هذه السمات تأتي عليهم مهام إدارية وفنية كثيرة. ولا شك أن تحسين الأداء التعليمي يأتي في مقدمة هذه المهام ومن وجهة نظري يجب أن تكون له نسبة موزونة عالية جدا لا أبالغ لو قلت 99%.
أساليب تحسين مستوى الأداء التعليمي متعددة لكن أهمها الزيارات الميدانية لحجرات الدراسة وليس للمدرسة فقط. الزيارات الميدانية المجدولة وفقا للتقارير التي ترفع من مكاتب التعليم والزيارات الميدانية المجدولة لتغطية جميع مكاتب التعليم في كل المحافظات، فصناعة القرارات تحتاج إلى الوقوف على واقع أداء القيادة المدرسية وواقع أداء المعلمين داخل حجرة الصف. ربما يأتي قائل يقول المهام الإدارية كثيرة وتحتاج إلى وقت وتحتاج إلى إنجاز وتوقيعات وما إلى ذلك من الأعمال الإدارية. سأخبره بأن عمليات التعليم والتعلم هي الأهم، ولو أننا لم نستطع إلا تحسين عمليات التعليم والتعلم داخل حجرة الصف لكفى. ولكن لكي نوازن بين كل الأدوار يجب توزيع المهام بما يحقق عدم التقصير في أي جانب من جوانب الأداء. يمكننا إسناد اعتمادات المعاملات ذات الشأن الإداري إلى جهات الاختصاص في إدارات التعليم. فالتحسين والتطوير لعمليات التعليم والتعلم لا يأتي من خلال العصف الذهني من على المكاتب في إدارات التعليم، لكنه يبدأ وينتهي في حجرات الدراسة.
المستوى الثالث من مستويات القيادة التنفيذية في إدارات التعليم كما ذكرته أعلاه هو المستوى الإشرافي الذي يتمثل في مديري مكاتب التعليم والإدارات ذات العلاقة بالإشراف على عمليات التعليم والتعلم بشكل مباشر أو غير مباشر. وهنا وبكل اختصار السمات واضحة والمهمة واضحة من المسمى. أهم سمات هذا المستوى القيادي هي القدرة على الملاحظة وأهم المهام الزيارات الميدانية وأن تكون المدارس محوراً رئيساً للعمل. أي أن نكون في المدارس خمسة أيام في الأسبوع من الصباح المبكر إلى صلاة الظهر لمتابعة تعليم تعلم الطلاب والطالبات ومستوى جودة نواتج التعلم للمواد الأساسية مثل اللغة العربية (القراءة والكتابة) والعلوم والرياضيات وكل ما يدعمها داخل المجتمع المدرسي. نعم خمسة أيام في الأسبوع في المدارس ولنترك توقيع التكاليف للموارد البشرية وكل ما يخصها ولنترك متابعة غياب الموظفين للمتابعة بكل إجراءاتها ونسند الصيانة إلى وحدات شؤون المباني بكل تعقيداتها. ولا مانع من أن يكون لمدير مكتب التعليم نظرة شاملة على جميع أمور المكتب ولكن علينا أن نترك التفاصيل الإدارية غير التعليمية لأصحابها مع أهمية تنميتهم مهنياً.
محطة أخيرة .. في الإدارة التربوية الحديثة تأتي جودة عمليات التعليم والتعلم في المقدمة فهي الأهم وكل العمليات الأخرى تعتبر مساندة فقط. وهنا تكمن الأهمية والمهمة الأساس ونترك ما يخص الموارد البشرية للموارد البشرية، ونترك متابعة غياب الموظفين وحضورهم وانصرافهم لإدارة المتابعة والمختصين ونمنحهم الصلاحيات.
هذه وجهة نظر فقط ورؤية للتحسين والتطوير.. شكرا لكم تقبلوا تحياتي.





كتبه:
أبوبكر بن أحمد علي ولي
مدير إدارة الجودة وقياس الأداء - تعليم جازان
25 - 10 - 2019


.

هناك تعليق واحد:

  1. فكر نير وسرد منظم وإضاءات ملهمة.. دمت متالقاً أستاذي القدير أبا أحمد

    ردحذف

أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.