مناظير التعليم في القرن 21
التطور التكنولوجي
الكبير والعولمة التي يشهدها العالم تُبرز تحدي جديد على المجتمعات والأفراد على
حد سواء. فالتطور التكنولوجي الذي بدأ متدرجا بسيطاً حتى ما لبث أن تسارع في سباق
عنيف بين شركات إنتاج الحواسيب لتوفير الأفضل والأسرع: الأفضل في جودة الأداء
والأسرع في الإنجاز. أثر هذا التطور المتسارع على جميع المهن وخصوصا المهن
المرتبطة بإجراءات روتينية. ونتيجة لهذا التطور التقني تم حوسبة إجراءات المهن
الروتينية لتصبح إلكترونية يقوم على تنفيذها جهاز الحاسب الآلي أو الروبوت.
الأمر
الذي يقلل من الطلب على مثل هذه المهن في إعلانات الوظائف المرسلة من قبل الشركات.
والعكس تماماً يحدث مع الوظائف التي تتطلب تفكيراً وذكاءً بشرياً مرتبطاً بالمعرفة
والمهارات التحليلية.
زاد بجانب ذلك عدد سكان
العالم وأصبح العالم كالقرية الصغيرة. وزاد وارتفع مستوى المنافسة في مجال البحث
العلمي والإبداع والابتكار وأصبحنا نشهد ونشارك في العديد من المنافسات العالمية. ولا
يخفى عليك عزيزي القارئ أننا نعيش في الجيل الصناعي الرابع أو الثورة الصناعية
الرابعة، نعيش في عصر متجدد تجاوز عصر المعرفة وانتاجها إلى الذكاء الصناعي
والتكنولوجيا الحيوية وثلاثية الأبعاد ويرتبط مفهوم الثورة الصناعية الرابعة
بأتمتة الصناعة، والتقليل من عدد الأيدي العاملة فيها، بحيث يقتصر الدور البشري في
الصناعة على المراقبة والتدقيق وضبط الجودة.
بالإضافة إلى السياق
الصناعي يأتي سياق التعليم أولاً لكون مخرجاته هي مدخلات للمهن الأخرى. وفي ذلك يشارك
طلابنا في اختبارات البيرلز PIRLS الدراسة الدولية لقياس ومقارنة تقدم القراءة في
العالم، واختبارات التيمز TIMMS اتجاهات الدراسة العالمية
للعلوم والرياضيات (Trends of the International Mathematics and Science Studies) ، ومؤخرا كما أُعلن من وزارة التعليم سنشارك
في اختبارات بيزا OECD
PISA (Program for International Students Assessment) التي تهدف في مجملها لمعرفة تقدم مستوى تعلم
وتعليم الطلاب واكتساب المعرفة ومهارة استخدامها وتقييم مستوى أثر المعرفة
المكتسبة على ما يستطيع الطالب والطالبة إنجازه. بالإضافة إلى مشاركة الطلاب
والطالبات في المنافسات الدولية المتعددة في مجال التعليم والتعلم والإبداع
والابتكار.
من هذا المنظور
العالمي الحديث والمتطور للاقتصاد والصناعة والتقدم التكنولوجي يبرز منظور جديد تجاه
تقييم عمليات التعليم والتعلم. منظور يتماهى مع متطلبات القرن الحادي والعشرين من
مهارات للبحث العلمي وحل المشكلات والتفكير التحليلي والإبداع والابتكار بالإضافة
إلى مهارات أساسية كمهارة إدارة الذات والتواصل مع الأخرين من حولك في المجتمع أو
في بيئة العمل. التعليم والتعلم لم يعد مقتصرا فقط على مستوى تقييم أتقن أو لم
يتقن بل يجب أن يتجاوز إلى مستوى أعلى وهو مستوى كيف يستطيع الطالب والطالبة
استخدام هذه المهارة التي أتقنها. استخدامها في مشاريع تتدرج من البسيط في المرحلة
الابتدائية إلى مشاريع أكثر إبداعاً وابتكاراً في المرحلة المتوسطة والثانوية
والجامعية.
ذاك من جانب منظورنا
للطلاب والطالبات أما من جانب منظورنا للمعلمين المعلمات فنحتاج أن نزيد في تمكين
أنفسنا من مهارات تواكب متطلبات التعليم والتعلم في عصرنا الحالي: مهارة حل
المشكلات وتحليل المواقف التعليمية البسيطة والمعقدة ومهارة العمل في فريق (فرق
الجودة والتميز ومجتمعات التعلم المهنية) لتبادل الخبرات وردم الفجوات المعرفية
بين المعلم الجديد والمعلم صاحب الخبرات الواسعة، ومهارة منح الطلاب الفرصة لبناء
المعرفة المرتبطة بمحتوى المقررات المدرسية وأهداف التعليم. مهارات القرن الحادي
والعشرين مهارات مهمة تضاف إلى ما تعلمناه من المهارات التي لا تقل أهمية كمهارة
التخطيط التربوي والتعليمي للعام الدراسي والإعداد الكتابي الإلكتروني للدروس واستخدام
ودمج التقنية في التعليم واستثمارها بما يعود بالمردود والأثر الإيجابي على طلابنا
ليكونوا بناة مشاركين في بناء وطنا المملكة العربية السعودية.
بالإضافة للطالب
والطالبة والمعلم والمعلمة نأتي إلى منظورنا للقيادات التعليمية والقيادات المدرسية
في إدارات التعليم وأرجو أن تتسع صدورهم لما سأذكره هنا علماً أن ذكره لا يعني
أنهم لا يعرفونه. أذكره هنا لتبادل المعرفة والخبرات فقط. وما سأذكره ليس للحصر
ولكن من باب أن الشيء بالشيء يُذكر. هناك أيها الزملاء في المهنة مهارات أساسية
للقائد التربوي وهي مهارة التخطيط الاستراتيجي للأداء داخل إدارة التعليم المرتبط
بالتخطيط الاستراتيجي للأداء المدرسي. المهارة التي تندرج من تحتها مهارات عدة
أذكر منها:
- مهارة دراسة وتقييم الواقع الفعلي وتحديد الأولويات للعمليات الإدارية والعمليات التعليمية والتعلمية.
- مهارة بناء المبادرات والمشاريع والبرامج الإدارية والتعليمية المبنية على دراسة وتحليل الواقع لهدف التحسين المستمر لجميع الإجراءات والعمليات التي تدعم عمليات تحسين أداء المعلمين والمعلمات وتسهل عمليات تعلم وتعليم الطلاب والطالبات ابتداءً من رياض الأطفال حتى المستويات الأعلى.
- مهارة الاستفادة والتعلم من نتائج تقييم رضا المستفيدين من كل الخدمات التي نقدمها وأهمية التحسين المستمر لتصل الخدمة التعليمية بجودة أعلى لتحقيق أهداف التعليم المحددة من الوزارة باستراتيجيات ذات جودة أفضل.
- مهارة الاستثمار الأمثل للموارد التي تعتمد على مهارة صنع القرارات الإدارية والتعليمية واتخاذها وتحديد الطرق المثلى لتنفيذها.
- مهارة قياس الأثر وتحسين الأداء وتحديد احتياجات التنمية المهنية للعاملين في إدارات التعليم (أقصد هنا الإداريين والإداريات والمشرفين التربويين والمشرفات التربويات ومديري ومديرات الإدارات والقيادات المدرسية والمعلمين والمعلمات). التنمية المهنية التي تحقق ما تهدف إليه وزارتنا لتقديم أفضل خدمة تعليمية.
- مهارة بناء واستثمار الشراكات المجتمعية التي تدعم عمليات التعليم والتعلم.
بالإضافة إلى هذه
المهارات هناك أساسيات مهمة تساعد وتدعم نحو الأداء الأفضل:
- المعرفة التامة بمتطلبات الأداء كقائد تربوي تعليمي،
- المعرفة التامة بمهارات حل المشكلات والتفكير التحليلي،
- مهارة العمل في فريق لأجل بناء الخبرات الإدارية والتعليمية.
- مهارة إدارة الأداء وتحسينه وإلقاء التوجيهات.
أعلم وأعلم أنك تعلم
عزيزي القارئ أن مثل هذه المهارات والمعارف مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بما نطلق عليها
علمياً بالجودة الشاملة. الجودة الشاملة المرتبطة بالجودة الشمولية للأداء وجودة
المخرجات التعليمية. المهارات التي يجب أن نمكن أنفسنا منها من خلال التنمية
المهنية الذاتية أو من خلال المشاركة في البرامج التدريبية الرسمية أو البرامج المدفوعة
المعتمدة.
عزيزي القارئ الكريم،
منظورنا لتقييم التعليم والمخرجات التعليمية يتقدم ويتطور مع تقدم العالم من حولنا.
فيجب أن نركز على الاتقان في عمليات واستراتيجيات الإدارة والقيادة التربوية
والتعليمية والقيادة المدرسية. بالإضافة إلى الاتقان في عمليات التعليم والتعلم داخل
الحجرات الدراسية. يجب أن نبحث عن الأفضل لنكون دائماً في الصف الأول في جميع المنافسات العالمية، الصف الأول هو المكان الذي نستحقه
ونعمل من أجله.
وتقبلوا تحياتي
وتقديري لكم.
كتبه أبوبكر بن أحمد
علي ولي
مشرف تطوير المدارس بتعليم جازان
الجمعة – 4/8/1439هـ 20- أبريل – 2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.