الجودة الشاملة التطبيقية الإجرائية
والجودة الشاملة الثقافة المؤسسية والجودة الشاملة السلوك اليومي والممارسات
اليومية تُحقق الأداء الأفضل والمخرجات الأفضل وتدعم الاستمرارية في تحقيق
الأفضلية. لست مبالعاً إذا قلت إن تطبيق الجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية هو
المفتاح الحقيقي للمنافسة المحلية والعالمية. وعلى سبيل المثال تطبيق الجودة
الشاملة في المؤسسات
التعليمية في اليابان يسر لهم الريادة العالمية في مجال
التعليم لسنوات متعددة. وتطبيق الجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية في فنلندا
ساهم في تفوق التعليم الفنلندي لسنوات متعددة أيضاً وكذلك في كوريا وسنغافورة
وغيرها.
وأنا هنا لا أتحدث عن الجودة الشاملة
بتفصيلاتها النظرية إنما الحديث عن التطبيق الإجرائي للجودة الشاملة في المؤسسات التعليمية
والأدوات المتوفرة وتأثيرها على ضبط جودة الأداء وتحسينه. ولعلي أذكر هنا ما ذكره
الأمريكي جوران عن ثلاثية الجودة ومحاورها الرئيسية في المؤسسات وعناصر نجاحها.
تعتبر ثلاثية جوران في الجودة الشاملة
عامل مهم في تطبيق الجودة داخل المؤسسة التعليمية والتي تنص هذه الثلاثية على
ثلاثة إجراءات تطبيقية: التخطيط للجودة ثم ضبط الجودة ثم تحسين الجودة (Quality Plan, Quality Control & Quality Improve).
تعتبر هذه الثلاثية خارطة التدفق الكبيرة للتطبيق الإجرائي للجودة الشاملة.
ونستطيع مناقشتها في ثلاث مراحل مهمة جداً:
المرحلة
الأولى: التخطيط للجودة: تعتمد هذه الخطو بشكل كبير على عناصر التخطيط الأربعة
وهي: (1) الرؤية المؤسسية والتوجه الاستراتيجي للمؤسسة التعليمية (2) وتحديد الأهداف
الاستراتيجية والتشغيلية (3) ودراسة متطلبات المستفيدين (4) تحديد الأهداف
التفصيلية (المستهدفات المرحلية) وبناء مؤشرات قياس الأداء والنتائج. ونظراً لكوني
أتحدث عن تطبيق الجودة الشاملة سأركز على عنصر "دراسة متطلبات (احتياجات)
المستفيدين كونه عنصر مهم في نجاح المؤسسة التعليمية. والمقصود بالمستفيدين هنا:
المستفيدين الداخليين والخارجيين. في هذا الموضوع ركز جوران على دراسة احتياجات
المستفيدين وتطلعاتهم عن/ في الخدمات التي تقدمها المؤسسات بشكل عام. وفي المؤسسة
التعليمية نستطيع أن نقول إن المستفيدين يتلقون خدمات تعليمية بأهداف محددة لكل
مرحلة من مراحل الدراسة في مدارس التعليم العام والمرحلة الجامعية. السؤال المهم
هنا: كيف نقوم على دراسة احتياجات المستفيدين في المؤسسات التعليمية لتحقيق
الأهداف التعليمية لكل مرحلة من مراحل الدراسة؟ هذا السؤال يدخلنا في موضوع مهم
ذكره الياباني جنشي تاقوشي واسماه بجودة التصميم لتحقيق الجودة في الأداء وتخفيض
عيوب المنتج. والمقصود هنا تصميم العمليات الإدارية والفنية. أي أننا نحتاج إلى
تصميم جميع العمليات الإدارية والتعليمية (الفنية). وتصميم العمليات مها كانت كبيرة
أو صغيرة يبنى على أربع خطوات مهمة وهي: التحليل (Analysis) والتصميم (Design)والبناء
(Develop) والتنفيذ (Implement) والتقييم البنائي والنهائي (Formative & Summative Evaluation). من خلال
تطبيق هذه الأربع خطوات نستطيع مراعاة احتياجات المستفيدين بكل يسر وسهول ونستطيع
بعون الله ضمان جودتها وفقاً لمفهوم الياباني تاقوشي في تجويد الأداء وتخفيض نسبة
العيوب وصولاً إلى مبدأ العيب الصفري أو تحقيق مقاييس السيجما ستة في تخفيض نسبة
العيوب إلى 3.4 في المليون عملية. وبناءً على هذه الخطوات الأربع الخاصة بتصميم
العمليات نستطيع تحديد برامج الخطة الاستراتيجية والخطط التشغيلية. للأهمية دراسة احتياجات
المستفيدين الداخليين يمنحنا ضمانات لجودة العمليات وضمانات لجودة المخرجات (نواتج
التعلم). وفي هذه المرحلة تفاصيل كثيرة وفقاً لتصنيفات المستفيدين من المؤسسة
التعليمية.
المرحلة الثانية: ضبط الجودة: والمقصود هنا
ضبط جودة الأداء والمخرجات. وهنا نستطيع وضع ترتيب مهم للضبط وهو أسبقية ضبط تطبيق
معايير الأداء وفق تصميم كل عملية. لكون ضبط الأداء يسهل علينا اقتناص فرص التحسين
والتطوير. أي أننا نقوم بالتقييم المستمر للأداء في جدولة متقاربة (ربع سنوية أو
نصف سنوية) على مستوى المؤسسة ككل ويكون التقييم يومي على مستوى الأقسام أو
التخصصات. من خلال ضبط الجودة المستمر والمتواصل نستطيع ضمان جودة المخرجات. ضبط
الجودة داخل المؤسسة التعليمية مثل إدارات ومكاتب التعليم يعتمد على تشكيل فرق عمل
في كل قسم وإدارة ومكتب تعليم باسم حلقات التحكم في الجودة (Quality
Control Team) أو ما نطلق عليه بفريق التحسين المستمر. اما في المدرسة فيمكن
تسميته بلجنة التميز والجودة أو فريق التحسين المستمر أو لجنة التميز. تقوم هذه
الفرق بالمراجعات الداخلية المستمرة والمتواصلة لمتابعة وضبط تطبيق معايير الأداء
وجودة العمليات لضمان الجودة في المخرجات.
المرحلة الثالثة: مرحلة تحسين الجودة:
مبدأ التحسين المستمر للعمليات مبدأ حديث وعالمي يدعم توجهات المؤسسات التعليمية
لتحقيق أفضلية مستدامة. ويدعم المحافظة على مستويات جودة الأداء المتصاعدة ويدعم
المحافظة المكتسبات التي تحققها. تحسين الجودة يجب أن يعتمد الطريقة العلمية في
التحسين من خلال تطبيق حلقة دمنج في التحسين المستمر (PDCA)
أو حلقة التحسين في سيجما ستة (DMAIC). التحسين
المستمر إجراء مهم بل يعتبر أهم إجراءات تطبيق الجودة لكونه يساعد المؤسسات على
تحقيق نجاحات متفوقة ورائدة ويحافظ على استدامة هذه النجاحات.
الجودة الشاملة نمط إداري لم يأتي
بالصدفة بل أن بُني على ما قبله من دراسات وإبداعات وابتكارات في مجال علم الإدارة.
الجودة الشاملة مرتبطة بشكل كبير بالتخطيط الاستراتيجي والتشغيلي وقياس الأداء.
وتطبيق الجودة الشاملة يعتمد بشكل كبير على القيادات التعليمية بنسبة 85% كما ذكر
كروسبي. ونجاح التطبيق يعتمد بشكل كبير على الرغبة والإرادة والعمل في فريق
ومشاركة جميع العاملين وأهمية تقدير كل مشارك. تطبيق الجودة الشاملة في المؤسسة
التعليمية حالياً لا يحتاج إلى قسم أو إدارة منفصلة بقدر الحاجة المسؤولية الفردية
للتطبيق والمشاركة.
وتقبلوا خالص تحياتي وتقديري لمروركم
على مدونتي الخاصة (شخصية)
كتبه: أبوبكر بن أحمد علي ولي
جازان: 10 يوليو 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.