الثلاثاء، 19 مايو 2020

التدريب عن بُعد وتنمية رأس المال الفكري في المؤسسات التعليمية في القرن 21


قوة البنية التحتية في مجال تكنولوجيا التعليم والاتصالات ساهمت كثيراً في تمكين وتمهير منسوبي ومنسوبات التعليم بشكل عام منذ عشرات السنوات ولله الحمد. وفي هذا العام 2020 قفزنا قفزة كبيرة إيجابية مع عدة قفزات سبقتها تجاه استخدام الحاسب الآلي والتعاملات الإلكترونية على المستوى العملي في التعليم وفي جميع مجالات العمل والإنتاج الأخرى. نحن الآن في شهر مايو 2020 الكل تقريباً على مستوى جميع الوظائف يمتلك مهارة استخدام الآلة في التعاملات العملية الرسمية الإلكترونية عن بُعد ومن لم يتقنها سيتقنها قريباً جداً بمشيئة الله.

اتقان العمل باستخدام الحاسب الآلي والتعاملات الإلكترونية العادية والتعاملات الإلكترونية عن بُعد مهارة إضافية ترفع مستوى رأس المال الفكري Intellectual Capital للمؤسسات بشكل عام. رأس المال الفكري هو: الثقافة المؤسسية السائدة داخل المؤسسة التعليمية، وكل ما تملكه المؤسسة من قدرات ومعارف ومهارات وخبرات في مجال التعليم والتعلم والقيادة التعليمية والإدارية، بالإضافة إلى الممارسات والإجراءات العملية المؤسسية والعلاقة التكاملية السائدة بين المجتمع الداخلي والخارجي للمؤسسة التعليمية والعلاقة مع الشركاء الخارجيين وفق أنظمة ولوائح وزارة التعليم. والمقصود بالمجتمع الداخلي للمؤسسة التعليم جميع فرق العمل داخل المؤسسة التعليمية. والمجتمع الخارجي هو المؤسسات المرتبطة بهيكل تنظيمي بالمؤسسة التعليمية كالمدرسة ومكتب التعليم وإدارة التعليم والوزارة.
ونظراً لسرعة انتشار المعرفة والزيادة المضطردة في مجال البحث والتطوير يمثل رأس المال الفكري المؤسسي ثقلاً كبيراً في المؤسسات في القرن الحادي والعشرين وذلك لكونه منطلق للأداء المتميز والجودة في المخرجات. ويعتبر رأس المال الفكري في المؤسسة التعليمية عاملاً من عوامل النجاح الكبيرة وخصوصاً في تجويد الأداء والمخرجات (نواتج التعلم).
المعرفة والمهارات والثقافة المؤسسية التي يمتلكها المعلم والمعلمة والمشرف والمشرفة والقيادات المدرسية تعتبر من ضمن أصول رأس المال الفكري التي تدعم جودة سير العمليات التعليمية وجودتها في المدارس. وتتلخص مجالات راس المال الفكري في المؤسسة التعليمية في ثلاثة مجالات:

معرفة ومهارات المعلمين والمعلمات:
 فكل ما يملكه المعلم والمعلمة من معرفة Knowledge ومهارات Skills وتوجهات تجاه مهنة التعليم Attitudes توثر بشكل كبير على نجاح العمليات التعليمية والتعلمية. ودعم ومساندة اكتساب المتعلمين للمعارف والخبرات الجديدة.

معرفة ومهارات وخبرات المشرفين التربويين والمشرفات التربويات:
وكل ما يملكه المشرف التربوي والمشرفة التربوية من معرفة ومهارات وتوجهات تجاه العمل الإشرافي  Supervisory Jobتدعم وتساند نجاح العمليات الإشرافية التي بدورها تعمل على إدارة المعرفة لأجل تحسين الأداء التعليمي للمعلمين والمعلمات.

معرفة ومهارات وخبرات القيادات التعليمية والمدرسية:
بالإضافة لتلك المعارف والمهارات تأتي قوة المعرفة والمهارة التي تمتلكها القيادات المدرسية والقيادات التعليمية في إدارات التعليمية كمكنات لقيادة العمل التعليمي بدايةً من إدارة التعليم إلى المدارس مروراً بمكاتب التعليم.

فكلما كان رأس المال الفكري للمؤسسة التعليمية عالٍ في مستواه علت جودة الأداء في قيادة التعليم وجودة الأداء التعليمي داخل حجرات الدرس وعلى منصات التعليم عن بُعد. وكلما كان الأداء التعليمي والإداري بشكل عام يتسم بالجودة يدعم تحقيق الأهداف التعليمية للمقررات المدرسية بجودة أفضل. وعليه فإن تنمية المعرفة والخبرات والمهارات التي يمتلكها المعلم والمعلمة والمشرف والمشرفة والقيادة المدرسية والقيادة التعليمية داخل مكاتب وإدارة التعليم مهمة جداً لاستمرارية جودة الأداء واستمرارية تحسين جودة نواتج التعلم.

ربما يعتقد البعض أن معادلة تحسين رأس المال الفكري Intellectual capital داخل المؤسسة التعليمية صعبة وتحتاج إلى وقت طويل وذلك لكثرة المعلمين والمعلمات وكذلك المشرفين والمشرفات. ربما يكون هذا التفكير صحيحاً حتى وقت قصير جداً في الماضي، لكن الآن المعادلة أصبحت سهلة وقليلة التكلفة خصوصاً مع وجود البنية التحتية لتكنولوجيا التعليم والاتصال ICT في وزارة التعليم.

وجودة البنية التحتية الجاهزة ووجود الخبراء في مجال تكنولوجيا التعليم نستطيع التحسين المستمر للقدرات والممكنات المعرفية داخل المؤسسات التعليمية.  ولو نظرنا نظرة تاريخية للتدريب والتعليم عن بعد لوجدنا أنه بدأ ما قبل أقل من ثلاثين سنة تقريباً تحت مسمى التدريب المرتبط بالمواقع على الانترنت Web Based Training. ولن أخوض في تفاصيل هذا النوع من التدريب. لكن باستخدام نسخته الإلكترونية الحديثة سيكون هو الحل الكبير للتنمية المهنية في مجال التطوير المهني التعليمي. مثل هذه الأداة تساند المؤسسة التعليمية لتحقيق أهدافها بيسر وسهولة لتنمية مهارات وخبرات منسوبيها وذلك لميزات مهمة جداً للتدريب الإلكتروني عن بُعد منها:
-         القدرة على تدريب عدد كبير من المعلمين والمعلمات وفق احتياجاتهم التدريبية في مسارات تدريبية إلكترونية.
-         مراعاة أوقات المتدربين وتعطيهم الفرصة لحضور البرنامج التدريبي في أي وقت ومن أي مكان.
-         إمكانية إعادة البرنامج المبرمج عدة مرات عن بُعد.
من كل ذلك نستطيع الخروج بفرضية لتدريب أكبر عدد من المعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات والقيادات التعليمة في مسارات تدريبية متسلسلة دون الحاجة للانتقال من مقرات عملهم:
"العمل على وضع مسارات تدريب إلكتروني لتغطية الاحتياجات التدريبية للمعلمين والمعلمات والقيادات التعليمية على رأس العمل." Within the Job E-Training.
فكرة الفرضية تأتي في مسارات تدريبية إلكترونية إلزامية مرتبطة بعضها ببعض كمتطلبات. ويكون اجتياز المسار مرتبط بتقييم إلكتروني وتقديم ورقة عمل في مجال المسار كاملاً. ويمكن لهذه الفكرة أن ترتبط بعناصر الترشح لمهام أعلى والترقية للموظف.  
استثمار البحث والتطوير في مجال إدارة المعرفة وتوفيرها وتسخيرها، والتقدم في مجال التكنولوجيا والمعلومات والاتصالات Information and Communication Technology (ICT) يشكل داعم كبير للتنمية المهنية للمعلمين والمعلمات والمشرفين والمشرفات والقيادات التعليمية. التدريب المهني التعليمي الإلكتروني عن بُعد أداة قديمة مجددة تحقق الهدف بأقل تكلفة وبجودة وفق معايير ومواصفات محددة.
وكلما كان رأس المال الفكري (المعارف والخبرات والمهارات) محدثة وفق لوائح وأنظمة وزارة التعليم وبما يحقق مواكبة متطلبات المنافسة في القرن الحادي والعشرين كلما تمكنا من الأداء المتميز والجودة في نواتج التعلم.

القرن الحادي والعشرين يحتاج للعمل بإبداع وابتكار لتحقيق الأفضل بأقل كلفة وأقل وقت مع الاهتمام بضبط للجودة.

وتقبلوا تحياتي وتقدير لكم.

كتبه أبوبكر بن أحمد علي ولي
مشرف تربوي – تعليم جازان
مدير إدارة الجودة وقياس الأداء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.