السبت، 13 يناير 2018

الإدارة التربوية في القرن الحادي والعشرين: كيف نكون الأفضل؟



الإدارة التربوية في القرن الحادي والعشرين: كيف نكون الأفضل؟


طرحتُ في مقالي السابق "الإدارة التربوية في القرن الحاديوالعشرين" سؤالاً وهو كيف نكون الأفضل؟ لأنه لا يخفى على أحد أهمية التعليم في نهضة وتنمية الدول في الشرق والغرب. ولا يخلو حديثنا عن أي تنمية في أي مجال عن ذكر تأثير التعليم على قوتها.
التعليم هو المصنع الذي ينتج المهندس والطبيب والطيار والمعلم ورجل الأعمال والحرفي ...الخ. ولا شك أن الدول المتقدمة لم تكن فيما هي عليه اليوم لولا اهتمامها بالتعليم، وعلى سبيل المثال لا الحصر كيف صعدت كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة في شرق أسيا؟ وكيف صعدت فلندا وغيرها من دول أوربا؟ كيف صعدت هذه الدول؟ الإجابة هي بالتعليم.
التعليم هو نور للحاضر ومفتاح للتفوق في المستقبل. وهو عامل مهم في كل شؤون الحياة اليومية وفي الحياة الاقتصادية وفي جميع مجالات الحياة المتعددة، فهو السبب الرئيس الذي يجعل الحياة سعيدة للجميع. وكما ذكرتُ في مقال سابق أن الطالب الياباني يذهب إلى المدرسة ليكونَ سعيداً. ليس سعيدا خلال اليوم الدراسي فقط ولكن سعيدا بعد التخرج من المدرسة سعيدا بما يحمله من خبرات ومعارف ومهارات تساعده للدخول للمرحلة التالية من حياته. السعادة في الحياة الدنيا وفي الأخرة ترتبط ارتباطا وثيقاً بما يملكه الفرد من معرفة ومهارات وخبرات تساعده للمشاركة في بناء ذاته ومجتمعه ووطنه. التعليم يساعد الفرد ليكون عنصرا ذو فاعلية وفعالية في تنمية وطنه. والسؤال هنا كيف نستطيع أن يكون التعليم عنصرا فاعلاً في بناء الفرد ليكون فاعلا وفعالاً في تنمية وطنه؟
والحقيقة أن وزارة التعليم في وطني المملكة العربية السعودية تقوم بجهود كبيرة في تطوير التعليم في شتى المجالات مدعومة في ذلك من حكومتنا الرشيدة بميزانيات ضخمة جداً تقدر بالمليارات من أجل بناء المواطن السعودي ليكون عنصرا مشاركاً في بناء وطنه. من ذلك على سبيل المثال لا الحصر ما تقوم به الوزارة من جهود كبيرة في توفير ممكنات نجاح التعليم مثل بناء المدارس وتهيئة البيئة المدرسية المناسبة للطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات، وما توفره من تجهيزات مدرسية لكل مراحل التعليم ابتداءً من رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية في التعليم العام وكذلك في التعليم العالي. بالإضافة إلى ذلك ما تقوم بها الوزارة ممثلة بشركة تطوير التعليم من تطوير للمقررات الدراسية في سبيل دعم تعليم وتعلم أبناءنا وبناتنا لمواكبة الاتساع المعرفي في كافة المجالات. ومشروع تنمية مهارات مديري التعليم الذي يُقدم في أرقى الجامعات العالمية بجهود كبيرة من أمانة التعليم ووكالة التعليم. الحقيقة أنها مشاريع كثيرة وكثيرة جداً في دعم وتطوير التعليم في مدارسنا وفي إداراتنا التعليمية.
ولنعود لسؤالنا كيف نكون الأفضل؟ والإجابة هنا بسيطة جداً وهي التركيز على الاتقان والتحسين المستمر للعمليات الإدارية والتعليمية والابداع والابتكار بما يحقق رؤية وطنّا. والتركيز على تلك الممكنات لأداء يتسم بجودة عالية ومخرجات منافسة عالمياً، والتركيز على أن تكون جميع مشاريع التحسين وجميع مشاريع التطوير والابتكار تصب في أن يكون الطالب هو محور جميع العمليات الإدارية والفنية.
الأفضل في التعليم يتحقق من خلال تطبيق استراتيجيات الإدارة التربوية الحديثة والتي منها "الإدارة المتعلمة". الإدارة المتعلمة هي الإدارة التي تدعم وتيسر تعلم جميع منسوبيها من خلال استثمار الخبرات كنقاط قوة واقتناص الفرص المعرفية الخارجية. من أدوات الإدارة المتعلمة العمل في فريق ومجتمعات التعلم المهنية. بالإضافة إلى بناء ثقافة الرغبة والشغف في تحقيق الأفضل على مستوى الأداء والمخرجات.
ثقافة العمل في فريق والرغبة في تحقيق الأفضل هي ثقافة مؤسسية يمكن استثمارها في التعليم من خلال تعاون وتظافر الجهود لتحقيق أفضل الحلول والمنجزات. ثقافة العمل في فريق تعتمد على التعاون والمشاركة والاندماج بين جميع أفراد الفريق دون استثناء. العمل في فريق يسهل ويدعم ويحث على الأداء وفقاً لرؤية محددة وحاجة المستفيدين الداخليين والخارجيين. وهنا ومن وجهة نظري أرى أن ثقافة العمل في فريق يمكننا أن نقسمها إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول العمل في فريق TEAMWORK في مجال الإدارة التربوية في إدارات التعليم من خلال بناء فرق العمل للمهام الإدارية المختلفة التي تُبنى على الأهداف التفصيلية للتعليم المنبثقة من الأهداف العامة ورؤية وزارة التعليم.
أما القسم الثاني العمل في فريق لتحسين أداء العاملين فنياً في إدارات التعليم وفي المدرسة والتي تسمى مجتمعات التعلم المهنية Professional Learning Community والتي يتم فيها صقل وبناء مهارات العاملين الإدارية والتعليمية. والمقصود بمهارات العاملين الإدارية: المهارات التي يجب أن يمتلكها القائم بالعمل الإداري أو مهارات القيادة التعليمية كمهارات الموظفين الإداريين ومهارات مديري الإدارات والقيادة التعليمية. أما المقصود بالمهارات التعليمية: المهارات التدريسية التي يمتلكها المعلمون ويستخدمونها في تيسير عمليات التعليم والتعلم.
بالإضافة لذلك يأتي القسم الثالث وهو فرق عمل تحسين الجودة QUALITY IMPROVEMENT TEAM .. لتحسين جودة العمل الإداري وتحسين جودة العمل التعليمي في الشؤون التعليمية وفي المدرسة.



ثقافة العمل في فريق كما تصورتُها في الشكل أعلاه، أُدخلت إلى علم الإدارة عن طريق العالم الياباني KAORO ISHIKAWA بمسمى فرق تحسين الجودة لحل مشكلات الجودة، ثم تطورت إلى أن أصبحت ثقافة للمؤسسات لإنجاز الأهداف وتحقيق أفضل المخرجات في مجال الصناعة ثم انتقلت إلى مجال التربية والتعليم وأصبحت من الثقافات التي ينادي بها علماء الإدارة التربوية والتعليمية لأجل انجاز أفضل المخرجات.
جميع التصنيفات أعلاه تعتبر ثقافة مهمة للإدارة التربوية في القرن الحادي والعشرين. فمن خلالها تستطيع إدارات التعليم ومكاتب التعليم والمدارس تحقيق الأفضل في الأداء الإداري والتعليمي وتحقيق أفضل المخرجات التعليمية الإدارية. وذلك للأسباب التالية:

  •  العمل في فريق يمنح القيادات التعليمية الفرصة لتبادل الخبرات ونقل المعرفة فيما بينهم لأجل تحقيق أفضل المنجزات.

  •   العمل في فريق في "مجتمعات التعلم المهنية" يمنح المشرفين التربويين والقيادات المدرسية والمعلمين الفرصة لتبادل المعرفة المهنية (الخبرات) والمعرفة النظرية التخصصية الأمر الذي يعطي الفرصة للتقويم الذاتي والتحسين المستمر.

  •   العمل في فريق "فرق تحسين الجودة" يساعد الموظفين الإداريين لتبادل الخبرات وتحسين جودة الأداء بتخفيض نسبة الأخطاء وصولاً لمؤشرات إنجاز عالية بتكاليف جودة منخفضة.

وأخيراً وليس بآخر، القرن الحادي والعشرين ليس عصراً للجودة ولا عصراً للمعرفة ولا عصراً للإبداع فقط، بل هو عصر لكل ما سبق. يطبق الجودة من أجل الالتزام بمعايير الأداء ومواصفات المخرجات والتركيز على الأهداف والإتقان. وينطلق منها نحو بناء المعرفة واستثمارها للإبداع والابتكار من خلال تطبيق ثقافة وأدوات الإدارة الحديثة.
علينا ببناء ثقافة الرغبة في الأفضل بصفة مستمرة. لأن عصرنا الحالي عصر لصناعة الأفضل عصر للتميز عصر للتنمية المستدامة.

تمنياتي للجميع بإنجاز أفضل باستمرار. 
وعذراً على الاطالة.
كتبه: أبوبكر بن أحمد علي ولي
تطوير المدارس – الإدارة العامة للتعليم بجازان


السبت26ربيع2 1439هـ
الموافق 13يناير 2018




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أتقدم إليكم بالشكر والتقدير على مروركم على مدونتي الخاصة ويسرني الاطلاع على أرائكم.